freedomالحرية تُشبِه لي كوب الماء، يُمكننا أن نعيش لفترة من دونها لكن لا شك أننا لن نستطيع الإستمرار في الحياة بغيرها فكيف لي مثلاً أن أُمارِس طقوس ديني و أنا في بلاد لا تُحتَرم فيها الحرية؟ كيف لي أن أُطلِق أفكاري و أنا في بيئة لا تحترم حتى بنات الأفكار دعكم من تنفيذها، يقول محمود درويش: ( علمتني ضربة الجلاد أن أمشي على جرحي، أن أمشي ثم أمشي و أقاوم) فالحرية فطرة، و رغبة و طبيعة، كُلما تم تقييدها كلما وجد المرء نفسها يُدافع عنها و تُمثل له مصدر قوة، فهي كذرة الأوكسجين التي إن نضبت من الحول صار كل شئ مُختَنِقاً و هازل.. ترون الطا ئر و هو يجوب فضاءه و ترون المُبدِع المُبتكِر الذي يُطلِق أفكاره بحرية فتعود عليه خيراَ رطِباً، و ترون الكاتب و هو يخُط و يُبدِع، و الشاعر و هو يحس و يترجم إحساسه حرفاً آسر.. كلها هذه نتاج حرية و ممارسة جميلة لها.
حرية الفكر و حرية التعبير، هاتان الحريتان إن تم فقدهما فذلك فقد للحياة، أو روح الحياة على أصح تعبير، مثلاً قصة سُقراط التي وردت في كتاب ( حرية الفكر) لكاتبه سلامة موسى، الكتاب الذي تناول الحريات منذ القِدَم، سُقراط الذي شرب السُم ما فعل هذا إلا دفاعاً و تأييداً لأنه حر في فكره و إعتقاده، تُثيرني هذه القصة جداً فكوني قد وصلت لمرحلة أن حريتي حقي، حريتي ليست منحة من أحد، و وصل إيماني بها إلى درجة أني سأحارب من أجلها فقد وصلت لحقيقتي و آمنت بإمكانياتي كإنسان خليفة يستطيع أن يُثبِت إستخلافه من خلال الإضافة الثرة للعالم.
في مُجتمعنا السوداني نُعاني جداً في ممارسة الحرية كحق، خاصة المرأة فهي مُقَيدة في كل شئ في خروجها و في بقائها، في حركاتها و حديثها و إختياراتها و مصيرها، بدافع أن هذا هو الصحيح عُرفاً و تعاليماً، رغم أن هناك الكثير من الأمثلة لنساء ناجحات بل و متفوقات في مجالاتهن، سافرن و بحثن و درسن و شاركن بأصواتهن و خبراتهن و آرائهن، فالحرية أبداً لا تعني الإنحلال الأخلاقي، و لا تعني هبوطاً لقعر المصنفات التي تجعل الإنسان إنساناً له كلمة و وجود، إنما الحرية بإختصار كامل أن أُمارِس كل ما أُريد دون إلحاق الضرر بغيري، و أن تكون كل خطوة مفيدة و مُضِيفة، مع تح مل المسؤولية الكاملة لكل فعلة و خطوة و قرار.. أنت حر إذن أنت قادر على الفعل.. أنت حُرُُ إذن أنت لا تُلِقي بضرر على غيرك.. أنت حرُُ إذن أنت قوي و واثق بما يكفي لتَحمُل كافة النتائج لما تفعل.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *